يوم في حياة كافر
في إحدى المدُن الأمريكيَّة حيث (لوس أنجلُس)، كان أهلها لا يعْرِفون معنى للإسلام ولا للإيمان قطّ.
أراد رجُل مسلم عربي السَّفر إلى مدينة (لوس
أنجلس)، وكان هذا لأجل العمل هناك، وتلقِّي شهادته العليا بالمدينة، وقد
اكْترى غرفةً في أحد الفنادق الفاخِرة يَبيت هُناك ويعمل هناك، كما أنَّه
أحيانًا يحنُّ إلى تغْيير الجوّ، فيخرُج قاصدًا الحدائقَ العامَّة أو ناديَ
تجمُّع المسلمين المثقَّفين المغْتربين، الَّذين يقيمون هناك.
في اليوم الثَّاني:
من حياة هذا المغترِب العربي في بلد مشْرك
أجنبيّ، ضاقتْ نفسه وَلَم تتحمَّل الوحدة في غرفة صغيرة: لا كلام، لا مَن
يطرق الباب أبدًا، قرَّر السيّد أن يَخرج إلى الشَّارع حتَّى يغيِّر
الجوَّ، ويتعرَّف على أناس تَحلو معهم الجلسة والحديث، وبيْنما هو مارٌّ
رافع رأسَه إلى الأعلى يفتخِر بعروبته وإسلامه، إذْ به يبصر غلامين كانا -
حسب القامة - يبلغان 20 سنة، كانا يتشاجرانِ وأصواتُهما تعْلو وسط
الشَّارع، لكن ما من أحدٍ ينهَرُهما عن ذلك، تقدَّم المغترِب منهما بكل
شجاعةٍ رغْم أنَّه لَم يكن يُتقن الكلام باللُّغة الإنجليزيَّة كثيرًا،
ولكنَّه كلَّمهما، وبيْنما هو ينصحُهما إذ بأحدِهما يضربُه وأكملا الشجار،
فقال المغترب: "حسبي الله ونعم الوكيل".
كانت هذه الكلِمات قد جلبت آذانَ الغلامين
إلى هذا المغترِب، وقد سألاه عن أصله فقال: أصْلي عربي ومسلم، أحبُّ الله
ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
(وهذا ما كلَّمهما بالإنجليزيَّة).
أحدُهما غادر المكان فارًّا من صديقِه،
أمَّا الآخر فكان يُكْثِر من الأسئِلة مع المغترب: ما اسمك؟ بلدك؟ أولادُك؟
سبب مجيئِك للمدينة؟
كان المغترِب يُجيب بغير حرج؛ لأنَّه يَعلم
أنَّ هذه الأسئِلة تُخفي وراءَها سرًّا كبيرًا، أخبر المغتربُ الغلام برقم
الغرفة التي يقْطن فيها، ومكان الفندق؛ لأنَّه وعده بالمجيء إليه.
في اليوم الثالث:
يوم الجمعة، جهَّز المغترب نفسَه بأنِ ارتدى
قميصَه وقلنسوتَه البيضاء، وراح إلى المسجد آملاً أن يذكُر الله كثيرًا،
بعد الصَّلاة توجَّه المغترب إلى مكان العمل ليأخُذ التَّوقيت الخاص به،
كان يوم عمله هو الثُّلاثاء، عاد إلى الغُرفة وقد نوى قراءة السُّورة
المستحبّ قراءتها يوم الجمعة وهي سورة الكهف، جلس على سريرِه وحَمل كتاب
الله، وقال: أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرحمنِ الرحيم:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ
يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً} [الكهف: 1].
إنَّه طرْق على الباب، تساءل السيد بسرعة: من هذا الَّذي جاءني؟ يا الله! لقد تذكَّرت، إنَّه الصَّديق الَّذي قابلتُه أمس.
أغلق كتاب الله وفتح الباب، وقال: أهلاً وسهْلاً بك يا أخي ويا صاحبي.
(وكل هذا الكلام كان بالإنجليزيَّة)
سأل الغلامُ المغترب: ماذا كنت تنشد قبل أن تفتحَ لي الباب؟
تنهَّد المغترب وقال: ذاك كلام الله يا أخي.
ضحِك الغلام وقال: لَم أفهم!
فأجابه المغترب قائلاً: نحن المؤمنون
المسلمون، نؤْمِن بأنَّ لنا إلهًا واحدًا خلَقَ الكوْن الَّذي تراه، من
بشَر وحيوان ونبات ....... إلخ، أرسل الله رسولاً مبعوثًا؛ محمَّد - صلَّى
الله عليْه وسلَّم - من بعد الرُّسل الأولى، وجعل معْجزاتٍ للهادي محمَّد،
فأنزل عليه القُرْآن الكريم الَّذي كنتَ أنت تدَّعيه أنشودة، إنَّه كلام
عِظة وموعظة لِمَن أراد أن يتَّعظ، سوف أقرأُ عليْك آياتٍ من هذا الكلام
الهادي.
وتلا عليه آياتٍ من سورة طه، وسورة البقرة، وسورة الناس، كما تلا عليه سورة الكافرون.
تعجَّب الغلام وراح يسأل المغترب: لماذا
حرّم عليْكم أكْل لحْم الخنزير؟ ولماذا لا تتوقَّفون عن الصَّلاة؟ لماذا
تصدِّقون أنَّ هناك رسولاً وأنتُم لا تروْنه؟
راح المغترب يُجيب الغلام بأدلَّة مقْنِعة، وفجأة رنَّ الهاتِف! إنَّه ينبِّه المغترب بقرْب موعد صلاة العصر.
كان الغلام شاردَ الذِّهن يفكِّر، بغْتة قال: ما الَّذي تسمُّونه البيت الحرام؟
أجاب المغترب: هُو الَّذي نذهَب إليه مرَّة في العمر إذا استطعْنا مادِّيًّا وجسديًّا.
أجاب الغلام: دينُكم وعر؛ كلّ شيء له دستور!
قال المغترب: لا تقُل هذا أبدًا يا صديقي،
نحنُ في دينِنا يسَّر الله لنا كلَّ شيء، وبعدها أدْرك المغترِب أنَّ وقت
صلاة العصر قد دخل، فقال للغلام: هل تسْمح لي أن أذهب للتَّوضُّؤ؟
قال الغلام: ماذا تقصِد بكلامك؟
قال المغترب: أغسل أعضاءً مخْصوصة بطريقة مخصوصة مع النيّة في ذلك، لا داعيَ لمُغادرة الغرفة، سوف نكمل الحديث بعد الصَّلاة.
توضَّأ المغترِب وذهب فصلى ثمَّ رجع إلى
الغلام، وقال: أرأيتَني كيف صلَّيت؟ أجاب الغلام بسخْرية: لم أُبصر إلاَّ
حركات رياضيَّة بسيطة! وضحك.
قال المغترب: تلك حركات تسمَّى الركوع
والسجود، وكلماتها تسمَّى التسبيح وغيرها، وفي هذه الفترة كان الغلام يحدق
في المصْحف الشَّريف وكأنَّه ينوي فِعْل شيءٍ ما، وبعدها قال للمغْترب: هل
يُمكنُني أن ألْمس هذا الكتاب؟ (يقصد المصحف الشريف)، أجاب المغترب:
عُذرًا! أنت لا زلتَ كافرًا، عليْك أن تغتسِل الغسل الأكبر، وتقول: "أشهد
أن لا إلهَ إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله" بنيَّة الدخول في
الإسلام، وبعدها تكون مسلمًا وتلتزِم بكلِّ قول وفعل ينطبق على المسلمين
أمَرَ به الله - عزَّ وجلَّ.
ردَّ الغلام: حسنًا، ولكن أنا لا زِلت أكذِّب بِحقيقة أنَّ هنالك إلهًا، وهو خالق الكوْن ومسوِّي البشَر وكلّ شيءٍ يحدث بمقدرته.
جلس المغترِب وحمل المصحف وقال: هذا الكتاب
كتابُ الله، وهذا الكون كوْن الله، وتلك الزَّلازل والكوارث الطَّبيعيَّة
كلُّها لا يعلم سبب حدوثِها إلاَّ الله، وقارتكم أمريكا تعْرف بأعاصيرها
العنيفة، فهل تَمكَّن علماؤكم من إيجاد السَّبب؟ كلُّهم يقول: غضب الطبيعة،
ولكنَّه غضب ربِّ الطبيعة وهو الله تعالى المتحكم فى الطبيعة، القادر على
أن يفعلَ ما يشاء منتقمًا من عباده الضَّالّين، فهل فهمت يا أخي؟
فأجاب بسرعة: أريد أن أعْلِن إسلامي على يدِك في غرفتِك، فهل يمكنني الاغتِسال عندك؟
أجاب المغترب: نعم، ولم لا؟!
اغتسل الغلام الغسل الأكبر، وعندما أنْهى أمسك بيد المغترِب، وقال: أشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمَّدًا رسولُ الله.
كاد المغترِب يطير فرحًا، لكنَّه رفع مقلتَيه إلى السَّماء قائلا: الله أكبر، إنِّي عمِلتُ خيرًا فكافِئْني بخير يا ربَّ العالمين.
جلس المغترِب والغلام للأريكة، وقال: ها قد
دخلت في الإسلام، وتعرفت إلى طريق الإيمان، فأوصيك ونفْسي بالتَّقوى، وكما
أمرتك بفعل وقول ما يأمر به ربنا، ولا تنقطِع عن مجالس العلم مع المشايخ،
والتليفزيون استعْمِلْه فقط في مشاهدة المحاضرات والخطب بالإنجليزيَّة،
وبعدها علَّمه كلَّ مبادئ الإسلام، مِن أوقات الصَّلاة وكيفيَّتها وسنن
وفرائض وغيرها من مشْروعات مبادئ الإسلام، وبيْنما هما كذلِك سمعا المنادي
يؤذّن لصلاة المغرب.
قصدا المسجِد وصلَّيا، ثم عادا إلى الغرفة
ووجْبة العشاء، تناولا الوجْبة ثمَّ فتح المغترب حقيبتَه وأخرج كتابين:
"السيرة النبوية" و "كتاب التَّوحيد"، كانا مكتوبين باللُّغة العربية
والإنجليزيَّة، وأهداهما للغلام.
فرح الغلام كثيرًا وراح يقبِّل صديقه ويقول: " THANK YOU" شكرًا لك.
وكان إسلام الغلام على يدِ المغترب حدثًا رسَمَ مذكرة غالية لديهما.
"كم أتَمنَّى أن يسلم أحدٌ على يدي".
كتبت يوم: 28 /10 /09 (28 أكتوبر 2009).
في إحدى المدُن الأمريكيَّة حيث (لوس أنجلُس)، كان أهلها لا يعْرِفون معنى للإسلام ولا للإيمان قطّ.
أراد رجُل مسلم عربي السَّفر إلى مدينة (لوس
أنجلس)، وكان هذا لأجل العمل هناك، وتلقِّي شهادته العليا بالمدينة، وقد
اكْترى غرفةً في أحد الفنادق الفاخِرة يَبيت هُناك ويعمل هناك، كما أنَّه
أحيانًا يحنُّ إلى تغْيير الجوّ، فيخرُج قاصدًا الحدائقَ العامَّة أو ناديَ
تجمُّع المسلمين المثقَّفين المغْتربين، الَّذين يقيمون هناك.
في اليوم الثَّاني:
من حياة هذا المغترِب العربي في بلد مشْرك
أجنبيّ، ضاقتْ نفسه وَلَم تتحمَّل الوحدة في غرفة صغيرة: لا كلام، لا مَن
يطرق الباب أبدًا، قرَّر السيّد أن يَخرج إلى الشَّارع حتَّى يغيِّر
الجوَّ، ويتعرَّف على أناس تَحلو معهم الجلسة والحديث، وبيْنما هو مارٌّ
رافع رأسَه إلى الأعلى يفتخِر بعروبته وإسلامه، إذْ به يبصر غلامين كانا -
حسب القامة - يبلغان 20 سنة، كانا يتشاجرانِ وأصواتُهما تعْلو وسط
الشَّارع، لكن ما من أحدٍ ينهَرُهما عن ذلك، تقدَّم المغترِب منهما بكل
شجاعةٍ رغْم أنَّه لَم يكن يُتقن الكلام باللُّغة الإنجليزيَّة كثيرًا،
ولكنَّه كلَّمهما، وبيْنما هو ينصحُهما إذ بأحدِهما يضربُه وأكملا الشجار،
فقال المغترب: "حسبي الله ونعم الوكيل".
كانت هذه الكلِمات قد جلبت آذانَ الغلامين
إلى هذا المغترِب، وقد سألاه عن أصله فقال: أصْلي عربي ومسلم، أحبُّ الله
ورسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
(وهذا ما كلَّمهما بالإنجليزيَّة).
أحدُهما غادر المكان فارًّا من صديقِه،
أمَّا الآخر فكان يُكْثِر من الأسئِلة مع المغترب: ما اسمك؟ بلدك؟ أولادُك؟
سبب مجيئِك للمدينة؟
كان المغترِب يُجيب بغير حرج؛ لأنَّه يَعلم
أنَّ هذه الأسئِلة تُخفي وراءَها سرًّا كبيرًا، أخبر المغتربُ الغلام برقم
الغرفة التي يقْطن فيها، ومكان الفندق؛ لأنَّه وعده بالمجيء إليه.
في اليوم الثالث:
يوم الجمعة، جهَّز المغترب نفسَه بأنِ ارتدى
قميصَه وقلنسوتَه البيضاء، وراح إلى المسجد آملاً أن يذكُر الله كثيرًا،
بعد الصَّلاة توجَّه المغترب إلى مكان العمل ليأخُذ التَّوقيت الخاص به،
كان يوم عمله هو الثُّلاثاء، عاد إلى الغُرفة وقد نوى قراءة السُّورة
المستحبّ قراءتها يوم الجمعة وهي سورة الكهف، جلس على سريرِه وحَمل كتاب
الله، وقال: أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرحمنِ الرحيم:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ
يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً} [الكهف: 1].
إنَّه طرْق على الباب، تساءل السيد بسرعة: من هذا الَّذي جاءني؟ يا الله! لقد تذكَّرت، إنَّه الصَّديق الَّذي قابلتُه أمس.
أغلق كتاب الله وفتح الباب، وقال: أهلاً وسهْلاً بك يا أخي ويا صاحبي.
(وكل هذا الكلام كان بالإنجليزيَّة)
سأل الغلامُ المغترب: ماذا كنت تنشد قبل أن تفتحَ لي الباب؟
تنهَّد المغترب وقال: ذاك كلام الله يا أخي.
ضحِك الغلام وقال: لَم أفهم!
فأجابه المغترب قائلاً: نحن المؤمنون
المسلمون، نؤْمِن بأنَّ لنا إلهًا واحدًا خلَقَ الكوْن الَّذي تراه، من
بشَر وحيوان ونبات ....... إلخ، أرسل الله رسولاً مبعوثًا؛ محمَّد - صلَّى
الله عليْه وسلَّم - من بعد الرُّسل الأولى، وجعل معْجزاتٍ للهادي محمَّد،
فأنزل عليه القُرْآن الكريم الَّذي كنتَ أنت تدَّعيه أنشودة، إنَّه كلام
عِظة وموعظة لِمَن أراد أن يتَّعظ، سوف أقرأُ عليْك آياتٍ من هذا الكلام
الهادي.
وتلا عليه آياتٍ من سورة طه، وسورة البقرة، وسورة الناس، كما تلا عليه سورة الكافرون.
تعجَّب الغلام وراح يسأل المغترب: لماذا
حرّم عليْكم أكْل لحْم الخنزير؟ ولماذا لا تتوقَّفون عن الصَّلاة؟ لماذا
تصدِّقون أنَّ هناك رسولاً وأنتُم لا تروْنه؟
راح المغترب يُجيب الغلام بأدلَّة مقْنِعة، وفجأة رنَّ الهاتِف! إنَّه ينبِّه المغترب بقرْب موعد صلاة العصر.
كان الغلام شاردَ الذِّهن يفكِّر، بغْتة قال: ما الَّذي تسمُّونه البيت الحرام؟
أجاب المغترب: هُو الَّذي نذهَب إليه مرَّة في العمر إذا استطعْنا مادِّيًّا وجسديًّا.
أجاب الغلام: دينُكم وعر؛ كلّ شيء له دستور!
قال المغترب: لا تقُل هذا أبدًا يا صديقي،
نحنُ في دينِنا يسَّر الله لنا كلَّ شيء، وبعدها أدْرك المغترِب أنَّ وقت
صلاة العصر قد دخل، فقال للغلام: هل تسْمح لي أن أذهب للتَّوضُّؤ؟
قال الغلام: ماذا تقصِد بكلامك؟
قال المغترب: أغسل أعضاءً مخْصوصة بطريقة مخصوصة مع النيّة في ذلك، لا داعيَ لمُغادرة الغرفة، سوف نكمل الحديث بعد الصَّلاة.
توضَّأ المغترِب وذهب فصلى ثمَّ رجع إلى
الغلام، وقال: أرأيتَني كيف صلَّيت؟ أجاب الغلام بسخْرية: لم أُبصر إلاَّ
حركات رياضيَّة بسيطة! وضحك.
قال المغترب: تلك حركات تسمَّى الركوع
والسجود، وكلماتها تسمَّى التسبيح وغيرها، وفي هذه الفترة كان الغلام يحدق
في المصْحف الشَّريف وكأنَّه ينوي فِعْل شيءٍ ما، وبعدها قال للمغْترب: هل
يُمكنُني أن ألْمس هذا الكتاب؟ (يقصد المصحف الشريف)، أجاب المغترب:
عُذرًا! أنت لا زلتَ كافرًا، عليْك أن تغتسِل الغسل الأكبر، وتقول: "أشهد
أن لا إلهَ إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله" بنيَّة الدخول في
الإسلام، وبعدها تكون مسلمًا وتلتزِم بكلِّ قول وفعل ينطبق على المسلمين
أمَرَ به الله - عزَّ وجلَّ.
ردَّ الغلام: حسنًا، ولكن أنا لا زِلت أكذِّب بِحقيقة أنَّ هنالك إلهًا، وهو خالق الكوْن ومسوِّي البشَر وكلّ شيءٍ يحدث بمقدرته.
جلس المغترِب وحمل المصحف وقال: هذا الكتاب
كتابُ الله، وهذا الكون كوْن الله، وتلك الزَّلازل والكوارث الطَّبيعيَّة
كلُّها لا يعلم سبب حدوثِها إلاَّ الله، وقارتكم أمريكا تعْرف بأعاصيرها
العنيفة، فهل تَمكَّن علماؤكم من إيجاد السَّبب؟ كلُّهم يقول: غضب الطبيعة،
ولكنَّه غضب ربِّ الطبيعة وهو الله تعالى المتحكم فى الطبيعة، القادر على
أن يفعلَ ما يشاء منتقمًا من عباده الضَّالّين، فهل فهمت يا أخي؟
فأجاب بسرعة: أريد أن أعْلِن إسلامي على يدِك في غرفتِك، فهل يمكنني الاغتِسال عندك؟
أجاب المغترب: نعم، ولم لا؟!
اغتسل الغلام الغسل الأكبر، وعندما أنْهى أمسك بيد المغترِب، وقال: أشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمَّدًا رسولُ الله.
كاد المغترِب يطير فرحًا، لكنَّه رفع مقلتَيه إلى السَّماء قائلا: الله أكبر، إنِّي عمِلتُ خيرًا فكافِئْني بخير يا ربَّ العالمين.
جلس المغترِب والغلام للأريكة، وقال: ها قد
دخلت في الإسلام، وتعرفت إلى طريق الإيمان، فأوصيك ونفْسي بالتَّقوى، وكما
أمرتك بفعل وقول ما يأمر به ربنا، ولا تنقطِع عن مجالس العلم مع المشايخ،
والتليفزيون استعْمِلْه فقط في مشاهدة المحاضرات والخطب بالإنجليزيَّة،
وبعدها علَّمه كلَّ مبادئ الإسلام، مِن أوقات الصَّلاة وكيفيَّتها وسنن
وفرائض وغيرها من مشْروعات مبادئ الإسلام، وبيْنما هما كذلِك سمعا المنادي
يؤذّن لصلاة المغرب.
قصدا المسجِد وصلَّيا، ثم عادا إلى الغرفة
ووجْبة العشاء، تناولا الوجْبة ثمَّ فتح المغترب حقيبتَه وأخرج كتابين:
"السيرة النبوية" و "كتاب التَّوحيد"، كانا مكتوبين باللُّغة العربية
والإنجليزيَّة، وأهداهما للغلام.
فرح الغلام كثيرًا وراح يقبِّل صديقه ويقول: " THANK YOU" شكرًا لك.
وكان إسلام الغلام على يدِ المغترب حدثًا رسَمَ مذكرة غالية لديهما.
"كم أتَمنَّى أن يسلم أحدٌ على يدي".
كتبت يوم: 28 /10 /09 (28 أكتوبر 2009).